Thursday 26 November 2015

لماذا تعمل؟

هل سألت نفسك يوماً: "ما هو الدافع وراء استيقاظي من النوم والذهاب إلى العمل كل يوم"؟ وهل تعلم بأنها كلما أجبت على هذا السؤال بكل صراحة وشفافية كلما تمكنت من تحديد إنعكاس صورتك الشخصية في بيئة العمل بدقة أكبر؟ وهل تعلم بأن تحديدك لإنعكاس صورتك الشخصية يساعدك في تحسين تلك الصورة من خلال الانخراط في مجالات العمل التي تلبي احتياجاتك ورغباتك؟ في مقال قرأته مؤخراً حول هذا الموضوع، تطرقت الدكتورة Donna Dennin - طبيبة نفسانية وطاتبة أميركية في مجال الأداء الوظيفي - إلى أن هناك عدة أسباب تدفع بالشخص إلى العمل، وتتمحور معظمها حول ما يلي:

• الإحتياجات المادية: السبب الواضح والرئيسي للعمل لكثير من الناس هو كسب المال، فالعمل يوفر لك دخلاً أساسياً ضروري من أجل البقاء. كما يلاحظ بأنه كلما إرتفع سقف توقعاتك الشخصية قد يبدو لك بأن دخلك لم يعد كافياً، خاصة إذا كان هناك قيمة للحالة الإجتماعية والوجاهة والسلطة، فالجميع عادةً ما يُقيِّم ويضع نفسه ما بين حجم الدخل وحجم الإنفاق. ولكن هل أنت مدفوع للعمل بناءاً على قيم المنافسة والإنجاز والتطور والنفوذ؟ هل أنت ممن يُقدِّر الإستقرار الوظيفي؟ دائماً تذكر عند تقييمك للدخل المادي من عملط بأن تؤخذ في عين الإعتبار قيمك الشخصية، خصوصاً إذا كان بإمكان هذه القيم العمل على تحسين مسارك الوظيفي بحيث تركز على زيادة دخلك.

• الرضا الشخصي: العديد من الناس يُرجع سبب عمله إلى ما يعود به العمل إلى الشخص من ملءٍ لاحتياجاته ورغباته الشخصية. لذا قد تجد الإرتياح الشخصي لدى البعض في الإبداع أو الإستقلالية في العمل أو التحدي الفكري أو المرونة في نظام العمل أو عن طريق تحقيق النتائج أو من خلال التعبير عن الذات. لذا تذكر بأن كل شخصٍ قد يُقيِّم نمط حياته بشكل مختلف عن الآخر، فالبعض قد يسعى وراء المغامرة أو السفر، والبعض قد يبحث عن الاستقرار والروتين، بينما البعض الآخر يرغب في التعبير عن فلسفتهم في الحياة من خلال عملهم. ولكن السؤال الأهم هنا: "ما هو المزيج من هذه الرغبات الشخصية الذي ترغب في توافره في طبيعة وبيئة عملك"؟

• العلاقات الإجتماعية: العمل قد يساعدك في بناء العلاقات وتكوين التفاعلات الإجتماعية، بالإضافة إلى إعطاءك الفرصة لتقديم المشورة والمساعدة للغير. لذا إسأل نفسك: هل الإنتماء وخدمة المجتمع، أو تربية الأطفال والناشئة، أو التواصل الإجتماعي، أو التعاون وخدمة الغير، من ضمن أولويات قيمك الإجتماعية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف بإمكانك إيصال ذلك للآخرين؟ بإمكانك أن تؤخذ في عين الإعتبار إحتياجات من يهمك أمرهم من الناس في حياتك عندما تحدد طبيعة العمل المثالي. فعلى سبيل المثال، قد يكون من المهم أن يتناسب عملك مع جداول أفراد أسرتك، أو مدى تأثير ظروف أسرتك على ساعات أو مواقع عملك.

تذكر دائماً بأن تفكر بتأنٍ في كافة الأسباب الخاصة بك، سواءاً كانت مادية أو شخصية أو إجتماعية، وإستخدم ما تستخلصه من معطيات في تحسين إنعكاس صورتك الشخصية في بيئة عملك من خلال تكوين رؤسة واضحة لما تود القيام به من عمل.

 لماذا تقطع الحجارة؟
مر رجلٌ ذات يومٍ على محجر ووجد ثلاثة عمال يعملون على قطع كتل من الحجارة الضخمة. فسأل الرجل بفضول أحد العمال عما يقوم به من عمل، فأجابه العامل بحنق: "ماذا؟ هل أنت أعمى؟ ألا ترى بأنني أحاول قطع هذه الكتلة من الحجر"؟ على الرغم من تفاجأ الرجل من جواب العامل الأول، إلا أنه توجه بنفس السؤال إلى العامل الثاني والذي أجابه في عجلة من أمره: "أنا أقطه هذه الكتلة من الحجر بحيث تكون جوانبها مستقيمة وناعمة، وبالتالي يمكن استخدامها في بناء جدار". حينها وجه الرجل نفس السؤال إلى العامل الثالث، والذي كانت تبدو على ملامحه السعادة على الرغم من العمل الشاق، فأجابه العامل بكل أريحية وهدوء: "أنا أعمل على بناء مدرسة".

نقطة أخيرة
"المعنى من الحياة هو أن تجد ما يُميزك من موهبة، بينما الغرض من الحياة أن تبذل هذه الموهبة في خدمة الناس" - Pablo Picasso، رسام ونحَّات وفنان تشكيلي إسباني.

نشر هذا المقال بتاريخ 26 نوفمبر 2015 في عمود "درايش" بجريدة "النجمة الإسبوعية" الصادرة عن شركة نفط البحرين (بابكو). للاطلاع على المقال المنشور في صيغة PDF