Thursday 5 November 2015

القيود النفسية للذات

الروتين اليومي: الإستيقاظ من النوم، الذهاب للعمل، ممارسة الرياضة، مشاهدة التلفزيون أو التنزه مع الأصدقاء، والنوم مرة أخرى. كان هذا الروتين يُمثل يومي المُعتاد في حياتي قبل عدة سنوات. لم يكُن يومي حافلاً أو يزخر بالتحديات، وبصراحة، ظننت بأنه كلما قل حجم الصعوبات كل قل حجم الإرهاق النفسي الذي أواجهه. أنا أؤمن بأن على المرء اتخاذ خطوات لخلق الحياة الناجحة التي يطمح لها، ولكنني حينها كنت أظن بأن التزامي بالروتين السابق وقيامي بعملي على أكمل وجه هو بمثابة اتخاذ خطوات نحو النجاح.

ولكن ذات يوم قرأت كتاباً بعنوان "مبادئ النجاح" للكاتب الأميركي Jack Canfield، حيث تعلمت من الكتاب أن التغيير الناجح في الحياة يستلزم اتخاذ خطوات جريئة خارج نطاق المألوف أو الراحة Comfort Zone. حينها انتبهت إلى أنني أساساً كنت قلقاً - لا شعورياً - نتيجة لعدم إحساسي بطعم النجاح في حياتي، وأدركت بأن السبب الرئيسي يرجع إلى عدم رغبتي في تخطي نطاق الراحة الخاص بي. لذا عاهدت نفسي إلى اتخاذ خطوات جريئة ومواجهة مخاوفي وجهاً لوجه وذلك في سبيل تحقيق ما أنا قادر عليه خارج نطاق الراحة. ومع كل إنجاز يتحقق بدأت أدرك حجم قدراتي وإمكانياتي. لذا إذا أردت أت تفسح لنفسك المجال للوصول بإمكانيات جديدة وتحقيق النجاح، فإنه يتوجب عليك دفع القيود والخروج من دائرة المألوف أو الراحة الخاصة بك!

ومن خلال تجربتي الشخصية، اكتشفت بأن هناك ثلاثة عوائق نفسية غالباً ما كانت تقف في وجه سعيي نحو التطور أو الإبداع أو حتلى تجربة شيء جديد، واحببت أن ألفت انتباهك إليها عزيزي القارئ: 

 الإحساس بالرفض: الرفض قد يُشعرك بأنك لست جيداً بما فيه الكفاية، لكون الرفض غالباً ما يؤدي إلى الانتقاد سواءاً من نفسك أو من شخص آخر. لذا أنصحك باستخدام هذا الانتقاد لمعرفة كيفية تطوير ذاتك من أجل تحقيق النجاح، وتذكر بأن معرفتك بنقاط ضعفك سيمكنك من العمل على تقوية هذه النقاط ومن ثم المحاولة مرة أخرى. 

 الإحساس بالخوف: الخوف يأتي بعدة أوجه، وغالباً ما يُعيقك في حياتك كالخوف مما هو آتٍ، أو الخوف من المجهول، أو الخوف من الفشل، أو حتى الخوف بأنك لست جيداً بما فيه الكفاية. عادةً ما تنبع هذه المخاوف من اعتقاداتنا سواءاً عن أنفسنا أو من خلال تجاربنا أو من ردود الأفعال الصادرة من العائلة والأصدقاء. لذا يتوجب عليك إزالة مثل هذه الاعتقادات بالحديث الإيجابي مع نفسك والاستمرار في بث روح التشجيع فيها لرفع حجم مستوى ثقتك بنفسك. وتذكر بأن تحيط نفسك بمن يؤمن بك وبإمكانياتك ويدفعك دائماً إلى الأمام في مواجهة مخاوفك. 

 الإحساس بالعجز: هذا الإحساس في بعض الأحيان قد يكون نتيجة حُكم مُسبق - وعادة مُتسرع - لعلمك بأنك لن تستطيع القيام بعملٍ ما، وفي أحيان أخرى قد يكون نتاج محاولة سابقة باءت بالفشل. لحسن الحظ، إحساسك بالعجز وعدم المقدرة هو شعور يمكن تخطيه بسهولة عن طريق إيجاد المساعدة المناسبة ومن ثم البدء في التعلم وبذل الجهد والتركيز على القيام بما تشعر بالعجز حياله. تذكر بأن لا تدع نطاق الراحة الخاص بك يعيقك من اتخاذ خطوات جريئة والبلوغ بقدراتك إلى قمة النجاح. كل ما عليك هو البدء بخطوات صغيرة والاستمرار عليها.

لا تستصغر قدراتك
في زيارة إلى معسكر لتدريب الفيلة في أدغال بنغالور في الهند، يحكي رجل الأعمال الهندي Vivek Paul قصة أول درس تعلمه في القيادة والإدارة، فيقول: "عندما زرت المعسكر استغربت كيف أن هذه الفيلة الضخمة مربوطة إلى أوتاد صغيرة. فسألت المدرب كيف للفيلة أن تبقى حبيسة الحركة من خلال تقييدها بأوتاد من السهل عليها اقتلاعها. فأجاب المدرب بأن الفيل يتم ربطه بهذه الطريقة منذ صغره، حيث يقوم صغير الفيل بمحاولة اقتلاع الوتد ولكنه سرعان ما يتعلم بأنه لا يستطيع ذلك.. ومن ثم لا بحاول مرة أخرى أبداً".

نقطة أخيرة
"أنت فقط حبيس الجدران التي بنيتها بنفسك" - Andrew Murphy، مؤلف أميركي.

نشر هذا المقال بتاريخ 5 نوفمبر 2015 في عمود "درايش" بجريدة "النجمة الإسبوعية" الصادرة عن شركة نفط البحرين (بابكو). للاطلاع على المقال المنشور في صيغة PDF