Thursday 10 December 2015

الإبداع في العمل

في معظم أماكن العمل، ما زال الإبداع - أو القيام بالأعمال بطرق غير تقليدية - أمراً مستغرياً واستثنائياً. حيث يعتبر الكثير من الناس كل ما هو مختلف عما اعتادوا عليه من باب "التفكير خارج إطار المألوف" والذي تطرقت إليه من خلال عمود "درايش" في سبتمبر الماضي. ولكن من المهم التذكير بأن الإبداع في العمل أمر ضروري لنمو أي مؤسسة واستدامة نجاحها. لذا أود أن أشاركك عزيزي القارئ ببعض المقترحات التي يمكن لأي شخص أن يتبعها للخروج من إطار روتين العمل وتعزيز ثقافة الإبداع في العمل وحل المشكلات.

 أهمية العمل الجماعي: ينبغي على أصحاب القرار في أي مؤسسة عمل وضع سياسات مؤسسية تدعم تبادل الأفكار والمعلومات بكل شفافية وأريحية وتروج لبيئة عمل جماعي. كل عضو في فريق العمل بحاجة إلى الشعور بأنهم جزء من نجاح منظومة أكبر، لذا من المهم خلق بيئة عمل تعاونية بطبيعتها أكثر من كونها تنافسية. وتذكر عندما تكون المكافآت وحدها هي مركز اهتمام فريق العمل، فأن أعضاء الفريق غالباً ما يمتنع عن تبادل الأفكار فيما بينه خشية سرقتها، وبالتالي يتوجب عليك دوماً تشجيع فريق عملك للمشاركة وتطير أفكار بعضهم البعض ولفت انتباههم إلى أن العمل الجماعي يصب في صالح أعضاء الفريق جميعاً ومؤسسة العمل ككل.

 كسر الروتين اليومي: إنه لشيء رائع أن تُركز على انجاز عملك على أكمل وجه، ولكن لتحفيز الإبداع في العمل يتوجب عليك أحياناً كسر الروتين في مؤسسة عملك ومحاولة إيجاد طرق أفضل وأكثر إبداعاً لإنجاز العمل. فأنا كثيراً ما أجد بأن الخروج من جو العمل لمدة ساعة أو يوم قد يُلهمني بأفكار جديدة. كما أن انضمامك إلى جمعية مهنية وانخراطك في أنشطتها أو حضورك غداء عمل تثقيفي وتعليمي (بالأنجليزية: Lunch-and-Learn) له أثر كبير في تحفيز قدراتك الإبداعية. بإمكانك أيضاً كقائد لفريق عمل إرسال عضو من الفريق لحضور مؤتمر أو برنامج تدريبي ومن ثم المشاركة بما تعلمه مع بقية أعضاء الفريق. 

 العصف الذهني وطرح الأسئلة: من الصعب على الشخص المُبدع أن يقبل بالوضع الراهن في أي بيئة عمل، وغالباً ما تراه مُشككاً في الطرق التقليدية والروتينية المستخدمة لانجار عمل ما ومتسائلاً عما إذا كانت هناك طريقة أفضل. ولكون العصف الذهني أحد أهم الأساليب المستخدمة في تحفيز الإبداع، فإنه من المُستحسن تشجيع فريق عملك على المشاركة ككل في نشاطات العصف الذهني، دون حصر النشاط على أعضاء معينة من الفريق. كما يمكنك - على سبيل المثال - تخصيص بضع دقائق في نهاية كل اجتماع أسبوعي مع فريق العمل لتبادل الأفكار وطرح الحلول.

 تجنب إلقاء اللوم: الأخطاء جزء مهم من عملية التعلم ولا مفر منها في بيئة عمل تشجع على الإبداع والابتكار، ولكن أصابع الاتهام واللوم كثيراً ما تخنق هذا الإبداع. لذا تذكر كمسؤول في موقع عمل أو كقائد لفريق عمل بأنه يتوجب عليك تشجيع الإبداع في بيئة العمل من خلال النظر إلى الفشل والأخطاء كحجر عثرة في الطريق إلى حل المشكلات وليس طريق مسدود.

 تجديد النشاط والحيوية: عندما يعمل الشخص فوق طاقته باستمرار، فإن حالته الذهنية والفكرية غالباً ما تكون متعبة بحيث لا يتمكن من الانتباه وتحديد فرص للإبداع قد تمر عليه خلال اليوم. وبالمثل، فإن قائد فريق العمل سيواجه صعوبة في تشجيع وإلهام أعضاء فريقه إذا كان متعباً وغير قادر على الإبداع. تذكر بأن الجميع في حاجة لبعض الراحة أحياناً وذلك لتصفية الذهن وتجديد حيوية الإبداع، سواءاً كان ذلك يعني الذهاب في عطلة سنوية أو طلب يوم أو نصف يوم كإجازة من العمل أو حتى الذهاب في نزهة قصيرة على الأقدام خارج بيئة العمل.

نقطة أخيرة
"التعلم والإبداع لا يتجزآن، كلاهما ضرورة للآخر. وغرور النجاح هو الاعتقاد بأن ما فعلته بالأمس سيكفيك لما قد تحتاجه في الغد" - William G. Pollard، عالم فيزيائي ومؤلف أميركي.

نشر هذا المقال بتاريخ 10 ديسمبر 2015 في عمود "درايش" بجريدة "النجمة الإسبوعية" الصادرة عن شركة نفط البحرين (بابكو). للاطلاع على المقال المنشور في صيغة PDF