Thursday 16 June 2016

نظرية (X) ونظرية (Y)

اطّلعتُ مؤخراً على كتاب بعنوان The Human Side of Enterprise لعالم النفس الإجتماعي الأميركي Douglas McGregor الذي طوّر نظرية X ونظرية Y في علم أساليب الإدارة. تطرق المؤلف في كتابه إلى أن هناك نهجين أساسيين لإدارة الأفراد في أي مؤسسة. حيث أن العديد من المدراء التقليديين يميلون نحو تطبيق نظرية X والتي عادةً ما تنتج عوائد سلبية، مقارنة بالمدراء المُستنيرين الذين يستخدمون نظرية Y والتي تعطي الأفراد فرصة للتطور مما يعود بأداء أفضل ونتائج إيجابية. وتناول الكتاب بإسهاب شرح كل نظرية، ولكنني اختصرها لك عزيزي القارئ كالتالي:

نظرية X هي أسلوب الإدارة السلطوي
تفترض هذه النظرية أن الفرد يكره العمل وسوف يتجنبه إن أمكن، لذا يتوجب إجبار الفرد على العمل من خلال التهديد بالعقاب في سبيل تحقيق أهداف مؤسسة العمل. وتفترض أيضاً أن الفرد يُفضل أن يتم توجيهه نحو ما يتوجب عليه القيام به من عمل، وذلك تجنباً لتحمل المسؤولية. كما تفترض أن الفرد واضح وغير طموح نسبياً، ويضع الأمن الوظيفي فوق كل إعتبار. وعادةً ما يُلاحظ استخدام هذا الإسلوب الإداري في بيئات العمل التي تتطلب التصنيع والإنتاج سواءاً في المصانع أو ورش العمل أو حتى المطاعم، وعادةً ما تُستخدم لإدارة عمليات ذات نطاق واسع بكفاءة.

نظرية Y هي أسلوب الإدارة التشاركي
تفترض هذه النظرية أن الفرد ينظر إلى أن العمل أمر طبيعي كاللهو واللعب، وأن الفرد بإمكانه تطبيق ضبط النفس والتوجيه الذاتي في سبيل تحقيق أهداف مؤسسة العمل. وتفترض أيضاً أن التزام الفرد بتحقيق هذه الأهداف مرتبط بالمكافآت العائدة على ما يتم تحقيقه من عمل وذلك من دون سيطرة إدارية أو تهديد بالعقاب. كما تفترض أن الفرد الخاضع تحت هذا الإسلوب الإداري يقبل بتحمل المسؤولية وغالباً ما يسعى لها، كما أن هذا الإسلوب يعمل على حل ما يواجهه من مشكلات إدارية من خلال استغلال الطاقات الإبداعية بين الأفراد على نطاق واسع. وعادةً ما يُلاحظ استخدام هذا الإسلوب الإداري في بيئات العمل التي تتطلب تقديم الخدمات المهنية الاحترافية سواءاً في المكاتب الاستشارية أو المؤسسات التعليمية أو حتى المستشفيات.

نظرية X ونظرية Y هي تذكير بسيط للقواعد الطبيعية في إدارة الأفراد، والتي عادةً ما تُنسى بسهولة تحت ضغوط العمل اليومية. وعلى الرغم من أن بعضاً من الدراسات الحديثة تُشكك في نظرية X ونظرية Y، إلا أن كلتا النظريتين تُشكلان مبدئاً أساسياً يمكن من خلالهما تطوير أساليب وتقنيات إدارة إيجابية، وعنصراً جوهرياً في مجالات التطوير المؤسسي والثقافة المؤسسية.

سباق قوارب التجديف
يُحكى أن شركتين - شركة X وشركة Y - كانت بينهما منافسة تجارية شديدة. كانت شركة X تؤمن بنظرية X  وتطبقها بكل فعالية في أسلوب إدارتها ذو الطابع الإستبدادي مع موظيفها بالإضافة في تعاملاتها مع الغير خارج نطاق الشركة. بينما كانت شركة Y ذات ثقافة مؤسسية قائمة على نظرية Y من حيث توزيع المسؤولية وانتداب صنع القرار بين جميع الأفراد.

وذات يومٍ قررت الشركتين تنظيم سباق لقوارب التجديف فيما بينها، في تحدٍ لقدرات أفرادها التنظيمية والرياضية. في يوم السباق، جاء قارب التجديف الخاص بالشركة Y مُحملاً بطاقم مُكون من ثمانية مُجدفِّين وشخص لإدارة دفَّة القارب. بينما كان قارب التجديف الخاص بالشركة X يحوي على طاقم مُكون من ثمانية لإدارة دفَّة القارب ومُجدِّف واحد فقط! لذا لم يكن من المُستغرب أن يفوز فريق الشركة Y فوزاً سهلاً في السباق.

في اليوم التالي، عقدت الإدارة التنفيذية لشركة X إجتماعاً للتحقيق مع طاقم قاربها، بالإضافة إلى مراجعة الدروس المُستفادة من هذه الهزيمة المحرجة، والتي قد تعود بالفائدة في حال تنظيم السباق مجدداً في المستقبل كما قد تُسهم في تطوير القدرات التنظيمية للشركة بشكل عام. وبعد اجتماع مطوَّل تم الاتفاق على قرار هام يستوجب استبدال المُجدِّف على الفور لكونه لم يستمع جيداً ولم يطبق بكفاءة التعليمات التي كانت تصله من المدراء الثمانية لدفَّة القارب! 

نقطة أخيرة
"الإدارة هي الكفاءة في تسلق سُلم النجاح، بينما القيادة هي تحديد ما إذا كان السُلم يتكئ على الجدار الصحيح" - Stephen Covey، كاتب ومؤلف أميركي.

نشر هذا المقال بتاريخ 16 يونيو 2016 في عمود "درايش" بجريدة "النجمة الإسبوعية" الصادرة عن شركة نفط البحرين (بابكو). للاطلاع على المقال المنشور في صيغة PDF