Thursday 26 May 2016

الحاجة لخبير إستشاري

قبل أن تحضر خبيراً إستشارياً لمساعدتك في مهام عملك، والعمل على تطوير ما تقوم به من مهام، يتوجب عليك تقييم مهارات وخبرات الإستشاري بشكل دقيق ومتكامل، كما يتوجب عليك تقييم ما تواجهه في العمل من مشاكل وتحديات تتطلب منك التعاقد مع الخبير الاستشاري، فقد تتفاجأ حينها بعدم حاجتك لخبراته على الإطلاق! أحد الأصدقاء المهتمي في شؤون الإدارة والأعمال قام بطرح سؤال بسيط من خلال مواقع التواصل الإجتماعي: "ماذا يتوجب عليك كإداري أن تحترس منه قبل أن تحضر خبيراً إستشارياً لِيَدلُو بدَلوِه في ما تقوم به من عمل"؟ كانت الغجابات وردود الأفعال متباينة ومثيرة للإهتمام، وأحببت أن أشاركك عزيزي القارئ بثلاث نقاط أساسية استخلصتها: 

• الخبراء الإستشاريون لديهم الكثير من الأفكار، وجميعهم يريد أن يشرح لك كيفية إصلاح الأمور بسرعة أو كيفية تسيير الأمور "كما يتوجب عليك القيام بها". لذا تأكد من أن يكون لديك هدف واضح، فكلما كنت أكثر وضوحاً في ما تريد تحقيقه من عمل أو حله من معضلة أو وضع استراتيجية له من تحديات، كلما كانت النتائج المترتبة من العمل مع الخبير الإستشاري أفضل. 

• العديد يتعاقد مع خبير إستشاري دون أن تكون هناك فكرة واضحة عما سيقدمه لك هذا الخبير الإستشاري من عمل. لذا تأكد من تحديد المخرجات المتوقع من الخبير الإستشاري تقديمها والإتفاق عليها مُسبقاً بصورة كتابية. ومن ثم كن على إستعداد لتنفيذ المشاريع والمخرجات الناتجة عن العمل مع الخبير الإستشاري. 

• من المغري الإستعانة بمصادر خارجية - تتمثل في الخبراء الإستشاريين - لإيجاد حلول أو تخطي تحديات معينة، ولكن تذكر بأن الإستشاري يبيع وقته وجهده عليك. لذا إذا كان لدى الخبير الإستشاري الكثير من العملاء الآخرين، فإن هذا قد يعني قدراً أقل من الإهتمام لإحتياجات عملك. 

راعي الغنم
يُحكى أن أحدهم كان يرعى بعضاً من الغنم عندما توقفت سيارة حديثة الطراز وأطل من نافذة السيارة سائق شاب يلبس بدلة ويبدو عليه علامات الغنى والترف، وأخذ ينادي الراعي صائحاً: "إذا أخبرتك بالضبط كم عدد الأغنام التي لديك هنا في المرعى، هل يمكنني أخذ أحداها"؟ فأجاب الراعي بهدوء وهو ينظر إلى المرعى حوله: "بالتأكيد".

ترجَّل الشاب من السيارة ماسكاً في يده آخر ما توصلت إليه تكنولوجيا الحواسيب الكفية، وشرع في التواصل عن طريق الإنترنت بأنظمة إلكترونية معقدة تستخدم نظم الملاحة عبر الأقمار الصناعية لتحديد مكان تواجده، ومن ثم أدخل إحداثيات المكان لإصدار صورة فضائية مقطعية فائقة الدقة للمرعى. بعدها قام بإرسال صورة عبر البريد الإلكتروني لبرنامج متخصص في معالجة الصور، ومن ثم أدخل ابيانات التي تمت معالجتها في قاعدة بيانات على شبكة الأنترنت. وفي غضون ثوانٍ قليلة بدأت طابعة صغيرة في صندوق السيارة بطباعة تقرير ملون شامل ومكون من عدة صفحات تضم العديد من التحاليل والنتائج. 

قام بشاب بدراسة البيانات في التقرير لبعض الوقت ومن ثم عاد إلى الراعي قائلاً: "لديك بالضبط من الأغنام ألف وخمسائة وستة وثمانون رأساً، بينهم ثلاثة من الكباش واثنان وعشرون من الحملان الصغيرة". فأجاب الراعي مندهشاً: "هذا صحيح! حسناً، بإمكانك أخذ أيٍ من هذه الأغنام كما اتفقنا". اختار الشاب أحد الأغنام، وبينما كان يقوم بوضعها على المقعد الخلفي في سيارته، استدركه الراعي قائلاً: "يا صاح، إذا تمكنت بتخمين وظيفتك التي تكسب منها العيش، هل يمكنني استرجاع ما أخذته من الغنم"؟ 

وافق الشاب بكل ثقة على المقترح. حينها أوضح الراعي بأن الشاب يعمل كخبير إستشاري، فردَّ الشاب مندهشاً: "هذا صحيح! كيف أمكنك تحمين ذلك"؟ فأجاب الراعي بكل هدوء قائلاً: "لم يكن هناك داعٍ للتخمين. أنت ظهرت لي هنا على الرغم من أن لا أحد دعاك إلى المجيء. وأخذت مني مقابل مادي لأنك أعطيتني جواباً لسؤال لم أسأله في الواقع لكوني أعرف إجابته، بينما أنت لا تفقه شيئاً في ما أقوم به من عمل! الآن هل بإمكاني استرجاع كلبي الذي اخترته ووضعته في مقعد سيارتك الخلفي"؟

نقطة أخيرة
"الإستشاري هو الشخص الذي يأخذ ساعتك ليخبرك ما هو الوقت" - Edward Finkelstein، تاجر أميركي مخضرم والرئيس التنفيذي السابق لسلسلة متاجر Macy's الأميركية.

نشر هذا المقال بتاريخ 26 مايو 2016 في عمود "درايش" بجريدة "النجمة الإسبوعية" الصادرة عن شركة نفط البحرين (بابكو). للاطلاع على المقال المنشور في صيغة PDF