يُحكى أن شاباً في مقتبل العمر كان يعمل حطاباً مع فريق من ذوي الخبرة في قطع الأشجار. وكان هذا الشاب نشيطاً ويعمل بجهد متابعاً عمله في قطع الأشجار حتى خلال أوقات الاستراحة. وكان دائماً ما يتذمر بأن بقية أفراد الفريق يضيع الوقت باستراحاته المتكررة خلال اليوم للأكل والشرب والدردشة. ولكن مع مرور الوقت، لاحظ الشاب أنه على الرغم من عمله الدؤوب إلا أن بقية أفراد الفريق ما زال يقطع نفس الكمية من الأشجار التي قطعها، وفي بعض الأحيان أكثر مما قام به! وبدى له الأمر كما لو أن بقية أفراد الفريق كان يعمل خلال فترات الاستراحة كما كان يفعل. لذا قرر الشاب حينها العمل بجهد أكبر في اليوم التالي، ولكن للأسف كانت النتائج أسوأ.
لذا دعا أحد أفراد الفريق من ذوي الخبرة الشاب لاحتساء القهوة معه خلال فترة الاستراحة، ولكن الشاب سرعان ما رفض الدعوة معللاً بأنه لا يسطيع إضاعة الوقت في ما لا يُجدي بالنفع. ابتسم الحطّاب وأجابه قائلاً: "إن قطع الأشجار بدون أن تعيد شحذ الفأس هو مضيعة للوقت والجهد، وعاجلاً أم أجلاً ستصبح منهكاُ وقد تيأس متخلياً عن العمل لكونك أهدرت الكثير من الطاقة". حينها أدرك الشاب أنه عندما كان أفراد الفريق يدردشون خلال أوقات الاستراحة، كانوا يعيدون شحذ فؤوسهم في ذات الوقت، وأن لك كان السبب في كونهم أسرع منه في قطع الأشجار! هنا قال الحطّاب: "ما تحتاجه هو الكفاءة من خلال الاستفادة من مهاراتك وقدراتك بذكاء. لذا فكِّر بذكاء، واعمل بذكاء، واسترح بذكاء. عندئذٍ فقط ستتمكن من استخدام وقتك في القيام بأعمال أخرى، وإلا سوف تظل دائماً تردد.. ليس لدي الوقت"!
Wellnomics WorkPace
قامت إدارة الصحة والسلامة والبيئة في شركة نفط البحرين (بابكو) مؤخراً - وبالتعاون مع إدارة تقنية المعلومات - بوضع برنامج مميز يدعى Wellnomics WorkPace على جميع أجهزة الكمبيوتر الخاصة بموظفي الشركة. البرنامج يهدف إلى تنبيه الموظف خلال عملع على جهاز الكمبيوتر بأخذ فترات راحة منتظمة وذلك في سبيل تحسين صحة وسلامة الموظف ورفع إنتاجيته في بيئة العمل. يوفر البرنامج مجموعة من تمارين الاسترخاء - والتي تظهر على الشاشة - كما ويسجل نمط استخدام الموظف لجهاز الكمبيوتر الخاص به بشكل يومي وذلك من أجل تقييم المخاطر المحتملة من جراء الاستخدام المكثف والمتواصل للجهاز. ومن خلال تجربتي للبرنامج، وجدت بأنه ساعدني على البدء في مراقبة عاداتي عند استخدام جهاز الكمبيوتر وشجعني على ممارسة الاستخدام الآمن والصحي. كما لاحظت بأن إحساسي السابق بالتعب وعدم الراحة عند استخدام جهاز الكمبيوتر بدء يتلاشى مع مرور الوقت. لذا انصح زملائي في شركة بابكو بالبدء في استخدام البرنامج بشكل فاعل وجِدِّي لما سيعود به ذلك بالنفع على صحة الموظف وتحسين معدل تركيزه خلال يوم العمل والتأثير الإيجابي على أداء مؤسسة العمل من خلال رفع مستويات الإنتاجية بصورة عامة.
استراحة ذات انتاجية
الاستراحة في العمل لا تعني فقط قضاؤك الوقت في تناول طعام الغداء أو احتساء القهوة والدردشة مع زملاء العمل، ولكنها تشمل أيضاً الأنشطة التي من شأنها الاسهام في إعادة شحنك بالطاقة والتركيز لمواصلة العمل كالاستماع إلى الموسيقى أو ممارسة بعض التمارين في المكتب كتلك التي يعرضها برنامج Wellnomics WorkPace. فيما يلي مجموعة من الاقتراحات البديلة - والتي أمارسها شخصياً - ويمكنك ممارستها خلال فترة الاستراحة في العمل:
• اذهب في نزهة قصيرة: المشي لمدة 20 دقيقة في محيط بيئة عملك سيزيد من تدفق الدم إلى الدماغ، وبالتالي تعزيز الفكر الإبداعي وتحسين الذاكرة والأداء الحركي. أنصحك بالاحتفاظ بحذاء رياضي في المكتب.
• استغرق بعض الوقت في أحلام اليقظة: أثبتت الأبحاث العلمية أن أحلام اليقظة تؤدي إلى تعزيز القدرة الإبداية لدى الشخص، وتُمكِّنه من خلال الخيال الإبداعي على رؤية البيئة المحيطة بشكل مغاير يتلائم مع متطلبات الشخص واحتياجاته.
• إقرأ: قم بالقراءة في مجالات لا تتعلق بعملك، خصوصاً الروايات والقصص الخيالية. حيث أظهرت الدراسات أن الأفراد الذين يقرأون القصص الخيالية أكثر قدرة على فهم الآخرين والتعاطف معهم ورؤية العالم من وجهة نظرهم.
• ارسم وخربش على الورق: ضع قلمك على صفحة بيضاء وارسم الخربشات ودع عقلك يهيم في حرية إبداعية. فقد بيِّنت البحوث أن الخربشة على الورق بإمكانها تحفيز الأفكار الجديدة والمساعدة على استمرارية التركيز - خصوصاً خلال الاجتماعات المُطوَّلة!
نقطة أخيرة
"في ساعة واحدة من اللهو مع شخص ما، يمكنك اكتشاف الكثير عنه، أكثر مما يمكنك اكتشافه خلال عام من الحديث معه" - أفلاطون، فبلسوف يوناني.
نشر هذا المقال بتاريخ 11 فبراير 2016 في عمود "درايش" بجريدة "النجمة الإسبوعية" الصادرة عن شركة نفط البحرين (بابكو). للاطلاع على المقال المنشور في صيغة PDF
