Thursday 8 October 2015

تقدير الموظفين

تخيل أنك بذلت ساعات عديدة من الجهد والتعب على مشروع في العمل تطلب منك أخذ زمام القيادة والالتزام بخطة ذات إطار زمني ضيق، بحيث حملت على عاتقك مهام تتعدى مسؤولياتك الوظيفية المعتادة في سبيل إنجاز المشروع على أتم وجه وفي الوقت المحدد. تخيل بأن نجاح المشروع سيدعم مطلبك في الحصول على ترقية أو مكافأة أو زيادة غير مشروطة في الراتب، ولكنك تتفاجأ بعدم وجود متابعة من قبل مسؤولك، ولا عبارة شكر أو مبادرة تقدير. هل ستبذل نفس الجهد والالتزام عندما تتسلم مشروعاً أخر في العمل؟ على الأرجح ستكون إجابتك "لا"! عندما يشعر أي موظف يعمل في محيطك بأن جهده وتعبه قد ذهب سُدى، فإنه في الغالب لن يعمل على تكرار السلوكيات الإيجابية في العمل لتحقيق النتائج المرجوة مرة أخرى.

هناك العديد من من الأسباب التي تدعو إلى التركيز على تقدير الموظف في العمل منها:
 التوضيح للموظف بمدى أهمية وقيمة ما يقوم به من عمل.
 إعطاء الموظف الشعور بالانتماء إلى مكان عمله وتعزيز ولائه للعمل.
 تحسين معنويات الموظف وتحفيزه على أن يكون أكثر إنتاجية.
 المساعدة على بناء بيئة عمل داعمة تحافظ على موظفيها ومهاراتهم.

تقدير الموظفين يجب أن يكوم ممارسة شائعة وطبيعية في بيئة عملك سواءاً على صعيد الانجازات الفردية أو الجماعية. عند تقديرك مجموعة من الأفراد تذكر أهمية تمييز كل موظف على حدة بذِكر ما ساهم به من عمل. كما أن التقدير الجماعي يُسهم في بناء بيئة متماسكة لفريق عملك ويعلمه بمدى قيمته كفريق لدى جهة العمل. من المهم أن يكون تقديرك للموظف نابع من القلب بكل صدق وإخلاص، واعلم بأن الموظف كأي شخص قادر على الإحساس وتمييز ما إذا كان التقدير مجرد واجب وظيفي أو عبارات الشكر والثناء تخلو من حسن النية. وتذكر أن كل شخص قد يفضل أسلوب معين في التقدير، لذا اسأل موظفيك كيف يودون أن يكونوا موضع تقدير من قِبل جهة العمل.

أدناه مجموعة من الإرشادات العامة فيما يتعلق بتقدير الموظفين، قدمها خبير علم الإدارة، Dr. Bob Nelson، في العديد من مؤلفاته ذات الصلة: 
• ليكُن التقدير في أقرب وقت: التوقيت مهم، لذا لا تتأخر في تقديمك الشكر والثناء.
• كُن صادقاً في تقديرك: أشكر الموظف على جهده وعملك بكل صدق وإخلاص.
• كُن محدداً في تقديرك: وضح تفاصيل الإنجاز الذي حققه الموظف ليستحق التقدير.
• كُن إيجابياً في تقديرك: لا تخلط بين التقدير والنقد لما أنجزه الموظف.
• كُن سَبَّاقاً في تقديرك: لا تنتظر الأداء المثالي من الموظف لتشكره وتُقَدر جهوده.
• ليكُن التقدير شخصي: سواءاً كان بالحضور الشخصي أو من خلال مذكرة مكتوبة بخط اليد.

لديك فيل!
تقدير الموظفين عادةً ما يكون بطرق تقليدية كرسالة شكر أو كلمة ثناء في اجتماع عمل أو مكافأة مادية، ولكن بإمكانك دائماً الإبداع في أسلوب التقدير. واحد من الأمثلة المُفضلة لدي في أساليب تقدير الموظفين يحكيها المؤلف والباحث الأميركي، Shawn Achor، في مقال له بعنوان "السعادة في أخلاقيات العمل". 

يُحكى أن شركة دنماركية للسيارات وضعت نظاماً للتقدير يُدعى "وسام الفيل". الفيل عبارة عن دمية ضخمة على شكل فيل يُمكن لأي موظف أن يعطيها لموظف آخر مقابل إنجازه لعمل متميز. هذا النظام أثبت نجاحه مع الوقت، ليس فقط لكون الموظف الحائز على الدمية يستحق التقدير وإنما لنجاحع على المدى الطويل أيضاً في تكوين بيئة عمل إيجابية. حيث لوحظ أنه عند مرور شخص ما عند مكتب الموظف الحائز على دمية الفيل، عادةً ما يُسأل الموظف عما قام به من إنجاز ليستحق هذا التقدير. وبالطبع هذا يعني أن الممارسات المثالية والسلوكيات الإيجابية عادةً ما كانت تُحكى ويتم تداولها لمرات عديدة في بيئة العمل، لتصبح مع الوقت جزءاً من الثقافة المؤسسية.

نقطة أخيرة
"التقدير بإمكانه أن يُسعد شخص، أو حتى أن يُغير حياة. رغبتك في التعبير عن هذا التقدير في كلمات هو كل ما يتوجب عليك فعله" - Margaret Elizabeth Cousins، تربوية أيرلندية متصوفة.

نشر هذا المقال بتاريخ 8 أكتوبر 2016 في عمود "درايش" بجريدة "النجمة الإسبوعية" الصادرة عن شركة نفط البحرين (بابكو). للاطلاع على المقال المنشور في صيغة PDF