Thursday 27 August 2015

خطوات إستراتيجية

من أحدى أهم مهامي الوظيفية في دائرة العلاقات العامة هو التخطيط لإستراتيجية متكاملة تُعيد صياغة مهام الدائرة وتُطور من دورها الداعم وأنشطتها المتنوعة في داخل وخارج شركة نفط البحرين (بابكو). لذا ومن خلال دراستي لمجموعة من المنهجيات الإدارية في التخطيط الإستراتيجي - وذلك في سبيل إختيار المُناسب منها لبيئة العمل في الدائرة - استخلصت مجموعة من الخصائص الرئيسية والعامة اللازم توافرها لنجاح تنفيذ أي إستراتيجية في العمل. ومع تزامن بدء دوائر الشركة في تخطيط عملياتها ومهامها للعام المقبل، أحببت أن أشاركك عزيزي القارئ هذه الخصائص لتؤخذها في عين الإعتبار:

• الخطوة الأولى: تأكد بأن فريق عملك على وعيٍ بقدراته وإمكانياته وكيفية إستغلالها. هذه الخطوة تتطلب تقييماً ذاتياً رصين ومحايد من قِبَل فريق عملك، والإجابة بشكل صريح عما إذا كانت رؤية وقيم ومهام إدارتك موازية وتصب في سبيل تحقيق رؤية وقيم ومهام مؤسسة العمل ككل. حيث يتوجب على أعضاء الفريق تبني المُثل العليا والتوجهات الإستراتيجية لمؤسسة العمل والعمل على إستيعابها وتطبيقها بشكل متكامل. لذا إسأل نفسك: من نحن كفريق عمل؟ وماذا نطمح بالوصول إليه؟ وما هي الأمور التي يجب علينا أخذها بعين الإعتبار؟ الإجابة على هذه الأسئلة هي ما يُشكِّل خارطة الطريق للتخطيط الإستراتيجي في الخطوة التالية.

• الخطوة الثانية: حدد ما يريد فريق عملك من الوصول إليه ثم ضع خطة إستراتيجية واضحة لتحقيق ذلك. حلل جميع أنواع المعطيات لتكوين فهم أفضل لما يحقق نجاح فريق العمل، وما يتوجب تطويره لضمان إستمرارية هذا النجاح مستقبلاً. لذا إسأل نفسك: ما هي المهام التي يقوم بها فريق عملك بشكل جيد؟ وما يجب تغييره وتطويره للحفاظ على الميزة التنافسية للفريق؟ لا تفترض بأن ما تقوم به اليوم سيحافظ على مكانتك في الصدارة مستقبلاً، وتذكر بأن تطوير وإعادة عرض ما يقدمه فريق عملك من خدمات بطريقة جديدة ضروري للنمو والإستدامة في المستقبل.

• الخطوة الثالثة: تأكد بأن أعضاء وهيكل فريق عملك وسياساته ومهامه تتناسب مع الخطة الإستراتيجية الموضوعة. وبمجرد أن تتضح لديك الصورة وتحدد ما يطمح فريق عملك للوصول إليه، حدد الموارد المطلوبة لتحقيق ذلك، ونظِّمها لتتوافق مع سياسات ومهام الفريق لتحقيق الأهداف الإستراتيجية. وتذكر بأنه يتوجب عليك إدراك قيمة العمل الجماعي والتأكد بأن هيكل الفريق يُسهِّل من أوجه التعاون بين أفراده.

• الخطوة الرابعة: توقَّع التغيير دائماً وتأكد من وضعك خططاً للتكيُّف مع أي تغيير طارئ. إتخاذك الخطوات اللازمة لفهم القيود والتحديات والفرص المتاحة في بيئة أو قطاع العمل بالإضافة إلى فريق العمل نفسه، سيؤهل فريق عملك على إتخاذ الخطوات التصحيحية اللازمة ويضعه على طريق تحقيق النجاح بغض النظر عن المتغيرات. كما يجب عليك أن تتذكر بأن لا تتكيف مع التغيير من خلال ردود الأفعال فقط، ولكن بإستباق التغيير من خلال الإستثمار في مجالات تعزز من إبداع فريق عملك.

• الخطوة الخامسة: حدد مؤشرات الإداء الرئيسية (بالإنجليزية: Key Performance Indicators) وتابع التقدم الذي تم تحقيقه وأرصد أي ردود الفعل تجاه أي تغيير. إسأل نفسك: كيف يمكنني معرفة مدى نجاح ما يقوم به فريق العمل من مهام عند مقارنته بما تم التخطيط له إستراتيجياً؟ بإمكانك تتبع التقدم الذي يحرزه فريق عملك من خلال وضع أهداف محددة يمكن قياسها، بحيث تُشكِّل هذه الأهادف تحدي لقدرات وإمكانيات الفريق ولكنها في الوقت ذاته تكون واقعية وبالإمكان تحقيقها. ومن ثم استخدام مؤشرات الإداء الرئيسية لتقييم أداء وجهود الفريق نحو التطور المستمر.

• الخطوة السادسة: إستثمر في تطوير أعضاء فريق عملك، لأنهم من سيساعدك في تحقيق الخطوات المذكورة أعلاه. وتذكر بأن أعضاء الفريق وما لديهم من معرفة ومهارة يُمثل القيمة الكبرى في فريق عملك. لذا يجب عليك في سبيل توفير المعرفة والمهارات المطلوبة أن تضع قواعد صارمة في إختيار أعضاء فريقك من خلال إختبارات تقييمية ومقابلات ما قبل التوظيف، كما يجب عليك المحافظة على هذه المهارات من خلال التدريب والتقييم المستمر.

إختلاف المنظور
يُحكى أن وزيراً سافر ذات يومٍ إلى أحدى الجزر البعيدة والشبه نائية في موطنه. وبينما كان يتأمل المناظر الجميلة في تلك الجزيرة، مر عليه أحد القرويين المحليين فالتفت الوزير إليه وعلَّق قائلاً: "أنت تعيش بعيداً هنا، أليس كذلك"؟ فأجاب القروي مستغرباً: "بعيدٌ عن ماذا"؟ 

نقطة أخيرة
"سر التغيير الناجح يكمُن في أن تُركِّز طاقاتك في بناء الجديد وليس في محاربة القديم" - Socrates، فيلسوف يوناني كلاسيكي.

نشر هذا المقال بتاريخ 27 أغسطس 2015 في عمود "درايش" بجريدة "النجمة الإسبوعية" الصادرة عن شركة نفط البحرين (بابكو). للاطلاع على المقال المنشور في صيغة PDF