Thursday 7 April 2016

تحدي الوضع الراهن

من البديهي في أي مؤسسة عمل أن يتطور بها الوضع الراهن (بالإنجليزية: Status Quo) من سياسات مؤسسية ولوائح تنظيمية وسلوكيات متعارف عليها في بيئة العمل. ويرجع ذلك لعدة أسباب من بينها الشعور العام بضغط الوقت والحاجة إلى ترتيب أولويات العمل، وصولاً إلى عقلية "إذا لم يكُن مكسوراً، فلا حاجة لإصلاحه". ولكن العديد ينسى بأن مؤسسات العمل وثقافاتها المؤسسية تمثل كيانات حية تتنفس وتتغير بتَغَيُّر من يستوكن هذه الكيانات من الناس. فالسياسات والإجراءات التي كانت مناسبة لجيل معين، قد لا تجد من يسمع لها في الأجيال اللاحقة. والتدريب الذي كان ناجحاً لمن يعمل في مؤسسة صغيرة الحجم، قد لا يكون نافعاً عندما تنمو مؤسسة العمل لتصبح شركة كبرى.



لذا، من مسؤولياتك كقائد في بيئة عملك أن تملك عقلية التفكير المتقدم نحو الأمام، عقلية لا تقبل بالحد الأدنى من السياسات والأساليب والسلوكيات المتعارف عليها في بيئة العمل، وأن تُعطي لنفسك المجال لطرح التساؤل حول الوضع الراهن في بيئة عملك. كما يتوجب على أي قائد أن يُقيّم فريق عمله، ومن ثم يُقدم الدعم اللازم بغرس القيم ووضع السياسات ونشر الثقافة المؤسسية من خلال الاستفادة من وجهات نظر فريق العمل بصورة دورية وبناءاً على معطياته. فيما يلي ثلاث خطوات سهلة ستساعدك في بدء مثل هذه المحادثات مع فريق عملك بصورة عفوية: 

• دعوة جميع وجهات النظر المختلفة: في كثير من الأحيان قد تعتقد بأن سياسات معينة أو خطة التدريب في مؤسسة العمل مناسبة بناءاً على فكرة عدم وجود من يخالفك الرأي، ولكن هل تحققت فعلاً حول هذا الأمر؟ تذكر بأنك كقائد في بيئة عملك يتوجب عليك دعوة وجهات النظر المختلفة من داخل مؤسسة العمل عند دراسة هذه السياسات والخطط، خصوصاً وجهات النظر التي تسلط الضوء من منظور مغاير.

 طرح المزيد من الأسئلة: عندما يشكو أحد أفراد فريق عملك من إشكالية تواجهه مع الوضع الراهن، اغتنم هذه الفرصة للحصول على وجهة نظره من خلال سؤاله حول أسباب المشكلة وماذا بالإمكان عمله إزاء حل المشكلة. ستجد أن الكثير من هذه الإشكاليات لا تتطاب إصلاحاً جذرياً وقد يكون تعديلاً بسيطاً كافياً لإرضاء الجميع. هذه المناقشات الفردية بصورة دورية مع أفراد فريقك تشكل فرصة للتطور تدريجياً من الوضع الراهن نحو وضع أكثر وضوحاً وشفافيةً وارتباطاً بالواقع المتجدد.

 كُن على استعداد للمساهمة في التغيير: إذا لم ترغب كقائد في بيئة عملك من تغيير سياسات معينة أو خطة التدريب في مؤسسة العمل لأنك ما زلت تعتقد بجدواها أو ربما لكون تغييرها في الحال غير ملائم لظروف أخرى، تأكد من إيضاحك لهذا الأمر مع فريق عملك. لا تُضيع جهد الفريق في حصر وتقييم ردود الفعل إذا لم تكُن هناك نية في الاستفادة من هذه المعطيات. وتذكر بأن أسرع طريقة لفقدان الثقة والتواصل الفعّال بينك وبين فريق عملك هو طلب أفكارهم وآرائهم ومن ثم تجاهل استغلالها في تطوير الوضع الراهن، لكونه يوحي لأفراد الفريق بأن أفكارهم ليست ذات قيمة أو جدوى.

سمك للعشاء
يُحكى أن فتاة كانت تراقب والدتها وهي تطهو وجبة العشاء، ولاحظت بأن والدتها تقوم بقطع رأس وذيل السمكة قبل أن تضعها في وعاء للخَبز داخل الفرن. فسألت الفتاة والدتها عن سبب قطعها لرأس وذيل السمكة، فأجابت الأم: "إنني دائماً أطهو السمك بهذه الطريقة. إنها نفس الطريقة التي علمتني إياها جدتك". ولكن الفتاة لم تقتنع بإجابة والدتها، وحينما زارت جدتها سألتها عن سبب قطع رأس وذيل السمكة قبل طهيها، فأجابت الجدة: "لا أعرف السبب، ولكن والدتي دائماً كانت تطهو السمك بهذه الطريقة. لنذهب في زيارة لها ونسألها". عند الجدة الكبيرة، سألت الفتاة عن السبب في قطع رأس وذيل السمكة، فأجابت بعد برهة من التفكير: "لأن وعاء الخَبز الذي كنت استخدمه حينها داخل الفرن كان أصغر من أن يحوي السمكة بأكملها".

نقطة أخيرة
"اعتنق التغيير، وتصوّر ما قد يكون. تحد الوضع الراهن، وحرِّك عجلة التغيير الإبداعي" - Charles Koch، رجل أعمال أميركي والرئيس التنفيذي لمجموعة Koch Industries.

نشر هذا المقال بتاريخ 7 أبريل 2016 في عمود "درايش" بجريدة "النجمة الإسبوعية" الصادرة عن شركة نفط البحرين (بابكو). للاطلاع على المقال المنشور في صيغة PDF