Thursday 17 September 2015

الثقافة المؤسسية

أغلب المتخصصين في علم الإدارة يُعرِّف "الثقافة المؤسسية" (بالإنجليزية: Corporate Culture) بأنها مجموعة من القيم والمبادئ والسلوكيات التي تتميز بها مؤسسة ما وتحدد طبيعة وكيفية تعامل موظفيها وممارساتهم مع الأطراف ذات الصلة. وعادةً ما توضح المؤسسة الخطوط العريضة لثقافتها من خلال الرؤية Vision والرسالة Mission والقيم Values التي تروج لها بين موظفيها ومع زبائنها.

ومن خلال عملي في عدد من المؤسسات في القطاعين العام والخاص، وجدت أن الحديث عن الثقافة المؤسسية لأي جهة حكومية أو شركة خاصة غالباً ما يُثير بعضاً من الجدل. ويعزو ذلك إلى اتفاق الجميع على أن الثقافة المؤسسية موجودة وتلعب دوراً مهماً ليس فقط في نجاح عمل أي مؤسسة وإنما أيضاً في تشكيل سلوك موظفيها. ولكن لا توجد هناك طريقة واضحة ومحددة وصحيحة لبناء ثقافة مؤسسية ذات طابع معين، ويُرجح البعض بأنها تتشكل مع الوقت بناءاً على مجموعة قيم ومبادئ الموظفين أنفسهم. إلا أن الجميع يتفق على أن إهمال بناء ثقافة بنّاءة وإيجابية في محيط العمل قد يعيق فرص المؤسسة في تحقيق الاستدامة على المدى الطويل. 

مؤخراً قرات مقالاً رائعاً يدور حول موضوع الثقافة المؤسسية بعنوان "خمس طرق لتطوير ثقافة شركتك" للباحثة Naomi Moneypenny وأحببت أن أشارككم بقصة من المقال تتحدث عن الكيفية التي تتشكل بها ثقافة معينة في أي بيئة من خلال طريقة واضحة ومبسطة:

في مختبر للتحارب، كان هناك ثلاثة من القردة يقفون في صف واحد. حيث وُضع فوق القرد الثالث فقط مجموعة من ثمار الموز، وكلما تناول هذا القرد حبة من الموز لأكلها، يتم سكب دلوٍ من الماء على القردين الآخرين. وفي حين كان القردين المبللين بالماء يحدقان بغضب تجاه القرد الثالث، كان القرد الثالث منهمكاً بتناول الموز ولا يُدرك ما يحدث حوله. عندما انتهى القرد الثالث من أكل جميع حبات الموز، كان الاثنان الآخران منزعجان من تبللهما الدائم بالماء. حينها قام الباحث بوضع مجموعة جديدة من ثمار الموز واستبدال القرد الثالث بآخر جديد، حيث لوحظ أنه كلما مد القرد الجديد يده لتناول حبة من الموز، هاجمه القردان الآخران. ورغم عدم معرفته لأسباب الهجوم المتكرر عليه، إلا أن القرد الجديد سرعان ما توقف عن محاولة تناول الموز!

ومع مرور بعض الوقت، قام الباحث مجدداً باستبدال أحد القردين المبللين بقرد جديد، والذي سرعان ما حاول تناول حبة من الموز ولكن تمت مهاجمته من قِبل القردين السابقين. عندها قام الباحث باستبدال القرد الوحيد المتبقي من القرود الثلاثة التي وُضعت في القفص أول مرة بآخر جديد، والذي تمت مهاجمته فوراً - بدون معرفته للسبب - من قِبل القردين الأخرين. وعلى الرغم من تكرار التجربة وتعطيل النظام الذي يربط تناول الموز بإنساكب الدلو الماء وتبديل أقدم قرد في القفص بآخر جديد، إلا أنه دائماً ما يتم مهاجمة القرد الجديد بمجرد وضعه في القفص وبدون أن يكون هناك سبب محدد!

نقطة أخيرة
"عندما تكون قيمك واضحة أمامك، يصبح إتخاذ القرارات أكثر سهولة" - Roy E. Disney، أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة والت ديزني الأميركية.

نشر هذا المقال بتاريخ 17 سبتمبر 2015 في عمود "درايش" بجريدة "النجمة الإسبوعية" الصادرة عن شركة نفط البحرين (بابكو). للاطلاع على المقال المنشور في صيغة PDF